في أحد أيام الشتاء الباردة ، قرر شاب فقير أن يسافر من " كورسك " إلى " موسكو " عبر صعوده الى إحدى مقطورات القطار بطريقة غير شرعية . وفعلا ، تسلل الى آخر مقطورة و التي لحسن حظه كانت فارغة تماما . بعد أن تحرك القطار و وصلت سرعته للدرجة القصوى ، انتبه أن المقطورة ليست للركاب ، و إنما هي مقطورة خاصة بنقل البضائع ، و خصوصا الفواكه و الخضروات .
فكر قليلاً : أليست هذه ثلاجة تُحفظ فيها الفواكه و الخضار لحين وصولها ؟
فعلا هي كذلك . إذن لا عجب أني اشعر بالبرد الشديد !!!
بدأ جسمه يرتجف ، و يداه ترتعدان ، و مال وجهه للون الأصفر .
فكر في القفز ، فوجد أنه هالك لا محالة لو فعلها !
حاول فتح الباب على الأقل ليغير من درجة الحرارة ، فلم يفلح في ذلك !
و بعد عدة محاولات استسلم لليأس و أدرك أنه ميت لا محالة .
ماذا يفعل ؟
لم يبق لديه ما يفعله سوى أن يكتب وصيته . و لحسن حظه ، وجد بعض من قطع الفحم فاستخدمها لكتابة وصيته لأغلى إنسان على قلبه : أمه .
كتب لها عن طموحاته و أحلامه و سبب سفره دون علمها ، و خوفه من رفضها السفر ، و وعوده التي كان قد قطعها على نفسه تجاهها .
ثم كتب كيف اكتشف انه صعد المقطورة الخاطئة ، و كيف أن البرد بدأ يتسلل لجسمه و التغيرات التي لاحظها على نفسه ، و ارتفاع دقات قلبه ثم انخفاضها .
.
عند وصول القطار لوجهته المقصودة ، فتح العمال المقطورة ، فوجدوا أن الشاب قد مات فعلاً . لكن ، ما أثار استغرابهم أشد الغرابة هي وصيته و كلامه عن طريقة موته !!
المفاجأة أنهم كانوا على علم أن الثلاجة كانت متوقفة و لم تكن تعمل ، لم يمت الشاب من البرد أبداً .
كل ما حدث أن الشاب استسلم للأوهام ، فتخيل أن الثلاجة تعمل ، و مع فشله في فتح الباب ، أصابه اليأس و الإحباط و الطريقة السوداوية في التفكير ... فقتلته أفكاره .
و هذا ما يحدث مع كثير من الناس الذين يفرطون في التفكير .